كثيراً ما تحدثت الدراسات العلمية عن أضرار «الكرش» وتأثيراته السلبية والخطيرة على الصحة العامة، لكن أخيراً اكتشف العلماء أن له «فوائد» أيضاً، إذ إنه يمنع الإصابة بمرض «الانزلاق الغضروفي»، كما أنه يساعد على زيادة إنتاج «الأنسولين» وتنظيم مستوى السكر في الدم.
هذه ليست دعوى لتربية «الكروش»، لكنها دعوى لأصحابها بألا يبتئسوا.. إذ بات لـ «الكرش» فوائد أحياناً.
تشير الإحصائيات إلى ارتفاع معدلات السمنة في وطننا العربي، إذ تصل نسبتها بين النساء إلى (40 %)، بينما تصل نسبة الرجال أصحاب «الكروش» إلى (35 %). وقد دأب العلماء على إبراز أخطار السمنة، خصوصاً تلك التي تظهر في منطقة البطن، إذ ذكرت دراسة أجريت قبل شهور في جامعة «تكساس» الأميركية، أن تراكم الدهون في البطن يؤدي إلى الإصابة بأمراض القلب، إذ إن الدهون التي تخزن في منطقة «البطن» تكون أكثر نشاطاً.. وتفرز موادَ تساهم في تصلب الشرايين، بينما دهون «الأرداف» لا تتسبب في ذلك.
وأشارت دراسات أخرى أيضاً إلى أن «الكرش» قد يتسبب في إصابة الإنسان بأمراض السكر والسرطان وصعوبة التنفس، إضافة إلى مشكلات صعوبة السير والحركة وتآكل المفاصل، وارتفاع معدلات «الكوليسترول» في الدم، وضغط الدم المرتفع.
فوائد «الكروش»
وعلى الرغم من كل المخاطر التي يسببها الكرش، فقد ظهرت أخيراً دراسة جديدة في (القاهرة)، جاءت بنتائج مغايرة إلى حد ما، إذ تذهب إلى أن «الكروش» ليست كلها مساوئ، بل لها فوائد أيضاً.
هذه الدراسة حصل عنها مدرس جراحة العظام في كلية الطب «جامعة الأزهر» المصرية د.محمد نجم، على درجة «الدكتوراه» من الجامعة، ويوضح فيها أن «للكرش فوائد عظيمة للعمود الفقري، إذ إنه يزيد من حدة التقوس الطبيعي للفقرات القطنية.. ما يقلل من فرصة الإصابة بالانزلاق الغضروفي».
ويقول د.نجم: إن هذا المرض «يصيب عدداً كبيراً من الناس، بسبب زيادة الضغط على القرص الغضروفي المعروف بالديسك، والواقع بين الفقرات، خصوصاً الجزء الخلفي المواجه للحبل الشوكي، ما يؤدي إلى الضغط عليه وعلى الأعصاب الطرفية، وبالتالي يزيد من احتمالات الإصابة بالانزلاق».
ويوضح مدرس جراحة العظام أن المقصود بـ «الكرش» هنا هو ذلك «التجمع الهائل من الدهون في منطقة البطن»، لكنه يلفت إلى أن «الكرش المفيد» هو ذلك «النوع الصغير الذي يعد داعماً للعمود الفقري، إذ إن وجود مثل هذا الكرش البسيط يساعد في المحافظة على الميل الطبيعي للعمود الفقري، ما يساعد في حمايته من الإصابة بالانزلاق الغضروفي في حالة الميل المفاجئ».
وينوه هنا بأن تلك الفائدة «قاصرة على الكرش الصغير فقط، الذي يسمح بالمحافظة على الميل الطبيعي للعمود الفقري، أما الكروش الكبيرة فيكون لها مخاطر وتأثيرات سلبية على العمود الفقري، ما يؤدي إلى الضغط عليه.. وتآكل الفقرات».
أخطار السمنة المفرطة
ويتفق مع هذا الرأي استشاري أمراض العظام والعمود الفقري في جامعة «عين شمس» المصرية د.أحمد السعيد حشاد، الذي يذكر أن هناك ثلاثة أنواع من السمنة هي: المفرطة، والعادية، والسمنة البسيطة.
ويوضح أن هذا النوع الأخير هو النوع «المفيد للظهر، الذي يقي من حدوث الانزلاق الغضروفي، إذ إن تلك الزيادة البسيطة في الكرش تساعد في شد العمود الفقري إلى الأمام، وتجعل الغضاريف تنبعج إلى الأمام وليس إلى الخلف، وبذلك تحمي هذه السمنة البسيطة الإنسان من حدوث الانزلاق الغضروفي».
ويشدد د.حشاد على أن السمنة المفرطة «لها تأثيرات ضارة جداً على الجسم كله عموماً، وعلى العظام والغضاريف خصوصاً، إذ إن تلك السمنة تؤدي إلى إرهاق غضاريف الظهر والركبتين، كما تؤدي إلى إصابة الإنسان بأمراض عدة». ويضيف قائلاً إن «كل كيلو غرام زائد في منطقة البطن يؤدي إلى زيادة الحمل على الفقرات القطنية بما يعادل خمسة كيلوغرامات، وهو ما يؤدي إلى زيادة الضغط على الغضاريف الموجودة بين الفقرات». وهذه الغضاريف، كما يوضح استشاري أمراض العظام، عبارة عن «مادة لزجة موجودة بين الفقرات، تنبعج حسب حركة الظهر، بحيث تمتص الصدمات».
ويشير إلى أنه دائماً ما يحدث الانزلاق من الخلف، ووجود «الكرش» البسيط يساعد الغضروف على الانبعاج إلى الأمام، وبالتالي يحمي الإنسان من الإصابة بالانزلاق، مضيفاً أن السمنة عموماً «أمر سيئ.. وأضرارها أكثر من نفعها، لذلك يجب التخلص منها».
حماية من السكري
وفي السياق نفسه، ذكرت دراسة لجامعة «هارفارد» الأميركية أن الدهون المتراكمة حول البطن «تقلل من الإصابة بمرض السكري، لأنها تساعد على إنتاج هرمون الأنسولين الذي يعمل على تنظيم مستوى السكر في الدم».
وأضافت الدراسة أن وجود الدهون تحت الجلد «يحمي من أمراض القلب، إذ إن وجود الدهون بنسب معينة في الجسم يساعده في القيام بوظائفه الطبيعية».
ورغم كل ذلك، يؤكد الأطباء أن أضرار «الكرش» أكثر من منافعه، لذلك يجب التخلص منه عن طريق ممارسة الرياضة باستمرار، وعدم تناول المياه والمشروبات أثناء الطعام، وتناول الأطعمة الغنية بالألياف.. كالخضراوات والفواكه والحبوب الكاملة، والبعد عن القلق والتوتر.